
مدريد.. حادثة مقتل الشاب المغربي خنقا على يد شرطي إسباني تثير الجدل بين أفراد الجالية
سعيد الحارثي – مدريد
أثار مقتل شاب مغربي على يد شرطي إسباني جدلًا واسعًا في أوساط الجالية المغربية بإسبانيا، بعد أن لقي حتفه في حادثة خنق أثارت الرأي العام بين مندد ومبرّر، في مشهد يعكس التوترات الاجتماعية والهوياتية التي يعيشها المهاجرون المغاربة في إسبانيا خاصة.
فور انتشار الفيديو المروع للحادث، انقسمت الجالية المغربية إلى تيارين. الأول، دعا إلى محاسبة الشرطي باعتباره استخدم القوة المفرطة التي أودت بحياة شاب أعزل، مطالبًا بفتح تحقيق شفاف ونزيه يضمن العدالة للفقيد. بينما ذهب الفريق الآخر إلى الدفاع عن الشرطي، معتبرًا أنه تصرّف في إطار “الدفاع عن النفس” أو “حماية ممتلكاته” وفقًا لما روّجت له بعض وسائل الإعلام الإسبانية، التي ادّعت محاولة الشاب سرقة هاتف الشرطي.
في خضمّ هذا الانقسام، دعت جمعيات مدنية إسبانية إلى وقفة تضامنية، حضرها بعض النشطاء الحقوقيين المحليين، لكن اللافت هو الغياب الواضح للجمعيات المغربية الدينية والحقوقية، ما ترك فراغًا زاد من التشويش على الرواية الحقيقية للحادثة، ورسّخ في أذهان البعض صورة نمطية تربط بين الجريمة والانتماء العِرقي.
بالمقابل، خرج بعض المؤثرين من أصول مغربية عبر منصاتهم الاجتماعية للتعبير عن سخطهم من سلوكيات بعض الشباب المنحرف داخل الجالية، معتبرين أن التصرفات الفردية غير المسؤولة تُسيء لصورة المغاربة وتُعمّق من نظرة الريبة تجاههم داخل المجتمع الإسباني.
وفي هذا السياق، دعت عدة أصوات داخل الجالية الآباء والأمهات إلى مراقبة أبنائهم وتوعيتهم بمسؤولياتهم، مشددين على أن بعض التصرفات التي يقوم بها بعض الشباب لا تُشرّف صورة المغرب ولا تعبّر عن القيم الحقيقية للجالية المغربية. فالمحافظة على السمعة الجماعية تبدأ من الأسرة وتنتهي عند احترام القانون والاندماج الواعي في المجتمع.
غير أن تطورًا مهمًا غيّر مسار التفاعل مع القضية، تمثّل في زيارة وفد دبلوماسي مغربي رفيع المستوى ترأسه القنصل العام “كمال عريفي” لعائلة الفقيد، حيث تم تقديم العزاء و الدعم المعنوي والسهر على مجريات القضية، في خطوة لاقت استحسانًا واسعًا داخل أوساط الجالية. كما أعادت رسم ملامح التضامن، وأعادت الأمور إلى مسارها الإنساني بعيدًا عن التبريرات القانونية أو الأخلاقية التي حاول البعض استغلالها لتشويه صورة الفقيد أو تبرئة الجاني.
لقد أدرك كثير من أفراد الجالية، بعد هذا التحول، أن اختلاف الرؤى لا يجب أن يُنسيهم المبدأ الأساسي: “لا أحد، تحت أي ظرف، يملك الحق في إنهاء حياة إنسان”. ومهما كانت ملابسات الواقعة، فإن العدالة لا يمكن أن تُختزل في رصاصة أو خنق أو تأويل إعلامي منحاز.
تبقى هذه الحادثة جرس إنذار للجميع: وللجالية نفسها، كي تُعيد النظر في دورها الاجتماعي والحقوقي، وللإعلام، كي يلتزم بالمهنية والإنصاف عند تغطية مثل هذه القضايا المعقدة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X