سكان أنزا بأكادير يختنقون بسبب “خنز” المصانع.. وصمت السلطات يفاقم الأزمة

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

تشهد منطقة أنزا شمال مدينة أكادير أزمة بيئية خانقة، بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من عدد من المصانع العاملة في مجال تصبير الأسماك، واستخراج الزيوت، وتصنيع الأعلاف والأسمدة.

روائح نتنة تغزو الأجواء صباحًا ومساءً، وسط استياء واسع من الساكنة المحلية التي تعاني من آثار صحية ونفسية مقلقة، دون أن تلوح في الأفق بوادر حل جذري.

– مشكلة قديمة تتجدد بصمت

رغم الطابع الاستراتيجي الذي تتمتع به أنزا، بحكم موقعها القريب من الميناء التجاري ومجاورتها للمنطقة السياحية تغازوت، فإنها تعيش تهميشًا واضحًا منذ سنوات، ورغم رحيل مصنع الإسمنت الذي خلف وراءه حالات مرضية مزمنة، استمر الوضع البيئي في التدهور نتيجة استمرار نشاط مصانع لم تلتزم بالمعايير البيئية.

المفارقة تكمن في استمرار هذه الوحدات الصناعية في الاشتغال داخل الحيز السكني، في وقت أنفقت فيه الدولة مبالغ ضخمة لإحداث حي صناعي بمنطقة الدراركة شرق المدينة، خُصص بالأساس لترحيل مثل هذه الأنشطة الملوثة، إلا أن تعثر الحوار بين السلطات المحلية وأرباب المصانع أجهض هذا الانتقال، وفق ما تشير إليه مصادر محلية.

– تأثير مباشر على الصحة العامة

السكان لا يعانون فقط من “إزعاج روائح”، بل من تداعيات صحية موثقة، تشمل الغثيان، الصداع المزمن، تهيج الجهاز التنفسي، وحالات الحساسية المتكررة، وهي مظاهر تمثل تهديدًا حقيقيًا للصحة العامة، خصوصًا في صفوف الأطفال والمسنين ومرضى الجهاز التنفسي.

في هذا السياق، وجّه اتحاد الملاك المشتركين بإحدى الإقامات السكنية شكاية رسمية إلى والي جهة سوس ماسة وعامل عمالة أكادير إداوتنان، طالبوا من خلالها بتدخل فوري لوضع حد لهذه المعاناة، وإلزام المصانع المعنية باحترام القوانين البيئية.

– دعوات للمحاسبة البيئية

تزايدت في الآونة الأخيرة أصوات المجتمع المدني والجمعيات المحلية التي تطالب بتكثيف المراقبة على الوحدات الصناعية بالمنطقة، معتبرين أن ما يحصل يشكل خرقًا صارخًا للحق الدستوري في العيش في بيئة سليمة، كما شددت هذه الهيئات على ضرورة تفعيل الآليات القانونية لمحاسبة المتورطين في تلويث البيئة، وتعويض الساكنة عن الأضرار التي لحقتهم.

– السلطات بين غياب الإرادة وضعف التنفيذ

الوضع الراهن يطرح أكثر من سؤال حول مدى جدية السلطات المحلية في فرض احترام القانون، خاصة في ظل وجود بدائل صناعية جاهزة كمنطقة الدراركة، فهل يعقل أن تستمر المصانع الملوثة في الاشتغال وسط الأحياء السكنية، بينما تبقى المناطق الصناعية الحديثة شبه فارغة؟ وهل يمكن اعتبار “تعذر الحوار” مبررًا كافيًا أمام تدهور صحة السكان وبيئتهم؟.

الجواب ينتظره سكان أنزا بفارغ الصبر، بعد أن ضاقوا ذرعًا بسنوات من “الخنز” الذي اختنقوا به في غياب تدخل حازم يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى