تصاعد الاستثمارات في الصحراء المغربية يثير قلق البوليساريو

هبة بريس-الشاهد صابر صحفي متدرب.

تشهد الأقاليم الجنوبية للمغرب تصاعدًا ملحوظًا في وتيرة الاستثمارات الأجنبية، وهو ما بات يثير قلقًا متزايدًا لدى جبهة البوليساريو. ترى الجبهة في هذا النشاط الاقتصادي المتزايد تهديدًا مباشرًا لروايتها السياسية والعسكرية التي طالما روجت لحالة حرب مستمرة في الصحراء. يفسر الخبراء هذا الانزعاج بأنه إدراك من البوليساريو بأن عجلة التنمية والاستثمار قد بدأت تدور بقوة، لتحل محل خطابها الانفصالي الذي عفا عليه الزمن.

وفي هذا السياق، نقلت تقارير عن ممثل للبوليساريو في سويسرا والأمم المتحدة بجنيف مزاعم بأن المغرب يسعى من خلال هذه الاستثمارات إلى توريط الشركات في “نهب ثروات الشعب الصحراوي” وتأمين مواقف سياسية.

الاستثمارات كاعتراف بالسيادة وتحدٍ لسردية البوليساريو:
يؤكد محللون دوليون أن هذه الاستثمارات الأجنبية في الصحراء المغربية لا تعدو كونها اعترافًا ضمنيًا بالسيادة المغربية، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع دعوات البوليساريو لـ “تقرير المصير”. ويشير هؤلاء المحللون إلى أن المشاريع التنموية تعمل على تقويض سردية “الاستغلال” التي تتبناها الجبهة، كونها تخدم مصالح السكان المحليين وتحسن ظروف عيشهم.

ويضيف الخبراء أن البوليساريو تنظر إلى هذه الاستثمارات كعملية ترسيخ للوجود المغربي وتعزيز للاندماج الاقتصادي للمنطقة، مما يضعف موقفها التفاوضي ويقوض مطالبها الانفصالية. ويلفتون إلى أن النمو المتسارع لهذه الاستثمارات يعد مؤشرًا قويًا على تحول جوهري في الموقف الدولي من النزاع، ويعكس تزايد الثقة لدى الدول والشركات الأجنبية في استقرار المنطقة وجاذبيتها الاقتصادية تحت السيادة المغربية. كما أن هذه الاستثمارات هي تجسيد عملي للدعم الدولي المتصاعد لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل جاد وواقعي وذي مصداقية.

أبعاد سياسية ودبلوماسية عميقة:
تكتسب هذه الاستثمارات أبعادًا سياسية ودبلوماسية عميقة، حيث تبعث برسالة واضحة مفادها أن المجتمع الدولي يعتبر المقترح المغربي أساسًا متينًا للاستقرار والتنمية المستدامة. إن وجود الشركات الأجنبية واستثماراتها الضخمة في الصحراء المغربية يمثل اعترافًا ملموسًا بالسيادة المغربية الكاملة والمشروعة، ويدحض ادعاءات عدم الاستقرار، ويبرهن على بيئة أعمال آمنة وجذابة.

يخلص المقال إلى أن هذه المشاريع الاستثمارية الكبرى تؤكد التزام المغرب بالتنمية الشاملة والمستدامة في الصحراء، وتحويلها إلى قطب اقتصادي حيوي يعود بالنفع المباشر على السكان المحليين، ويعزز مكانة المغرب كبوابة استراتيجية لأفريقيا. وهذا يشجع العديد من الدول على اتخاذ خطوات سياسية إيجابية، كفتح القنصليات في مدن مثل العيون والداخلة.

انهيار موقف البوليساريو وتأكيد السيادة المغربية:
يضيف مدير أحد مراكز الدراسات الاستراتيجية أن البوليساريو تدرك أن الاستثمار المغربي والأجنبي في الصحراء كان ورقة مهمة تستخدمها ضد سيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية. ويشير إلى أن الدينامية الجديدة في ملف الصحراء، خاصة بعد الدعم الدولي الواسع لمبادرة الحكم الذاتي، تكشف عن انهيار موقف البوليساريو. فقد عادت العديد من الدول الأوروبية، بما فيها فرنسا وإسبانيا وألمانيا، لضخ استثمارات كبيرة في الصحراء، خاصة في مجال الطاقات المتجددة. ويذكر أيضًا أن الاتفاقية التجارية بين المغرب وبريطانيا تشمل الأقاليم الجنوبية، مما يزيد من تقويض حجج البوليساريو حول استغلال الموارد الطبيعية. حتى الدول المؤثرة في مجلس الأمن الدولي، والتي تلتزم بموقف الحياد في قضية الصحراء، تنفذ مشاريع اقتصادية كبرى في الصحراء المغربية، مثل الاستثمارات الصينية.

ويؤكد هذا الخبير أن التقدم الذي أحرزته مبادرة الحكم الذاتي قد أعاد الثقة القانونية لجميع الشركات الأجنبية، مما أدى إلى زيادة كبيرة في تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الأقاليم الجنوبية. وهذا يمهد الطريق لتأكيد عملي وواقعي لسيادة المغرب على الصحراء، خاصة مع تأكيد العديد من الدول لرغبة شركاتها في الاستثمار في الأقاليم الجنوبية، حيث تعتبر المصالح الاقتصادية هي المحرك الحقيقي للمواقف السياسية لمختلف الدول. ويختتم بأن سقوط ورقة حقوق الإنسان في تحدي سيادة المغرب تتبعه الآن ورقة استغلال الموارد الطبيعية للصحراء، مما يخلق واقعًا جديدًا يؤكد عدالة سيادة المملكة المغربية على أقاليمها المغربية.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى