بين رقصات المهرجانات وصرخات التنمية الغائبة.. أين تتجه بوصلة الأولويات؟

الشاهد صابر – صحفي متدرب

في كل صيف، ومع ارتفاع درجات الحرارة، ترتفع وتيرة المهرجانات الاحتفالية في مدن وقرى عديدة، لتتحول الساحات والشواطئ إلى منصات للرقص والموسيقى والترفيه.

ويُنظر إلى هذه التظاهرات غالبًا كشرايين تضخ الحياة في شرايين الاقتصاد المحلي وتنعش السياحة وتبرز التراث. ولكن، وفي زحمة هذه الأضواء المبهرة، يتوارى سؤال جوهري: هل باتت المهرجانات أولوية قصوى على حساب تنمية حقيقية غائبة تتلمسها الفئات الهشة والمناطق المحرومة؟

و بينما تُصرف الملايين على إقامة منصات عملاقة، واستقدام فنانين، وتأمين لوجستيات فعاليات قد لا يتجاوز أثرها بضعة أيام، تبقى تحديات التنمية الشاملة ماثلة بقوة. ففي عديد المناطق، لا تزال البنية التحتية الأساسية تعاني من نقص حاد؛ طرق وعرة، مستشفيات تفتقر للتجهيزات، مدارس تئن تحت وطأة الاكتظاظ وقلة الموارد، ومياه صالحة للشرب لا تصل إلى كل بيت. هذه الحاجيات الملحة هي التي تشكل العمود الفقري لحياة كريمة ومستقبل مزدهر للمواطنين.

إن تخصيص ميزانيات ضخمة للفعاليات الترفيهية، في ظل استمرار الفقر والهشاشة الاجتماعية وغياب المشاريع التنموية المستدامة، يثير تساؤلات جدية حول بوصلة الأولويات لدى صناع القرار.

فالمهرجانات، وإن كانت تحمل جانبًا ثقافيًا وترفيهيًا مهمًا، لا يمكن أن تكون بديلاً عن خطط تنموية طموحة تعالج المشاكل الجوهرية للمواطنين وتساهم في تحسين ظروفهم المعيشية بشكل دائم. هي أشبه بمسكنات مؤقتة لا تعالج المرض الأصلي.

المهرجانات، في جوهرها، يجب أن تكون ثمرة لتنمية ناجحة، وليست غطاءً لغيابها. يجب أن تأتي تتويجًا لجهود تنموية أثمرت مجتمعات مزدهرة، قادرة على استيعاب وتنظيم مثل هذه التظاهرات بكفاءة، وليس محاولة لتصوير واقع مزيف أو إلهاء عن إخفاقات تنموية.

لقد آن الأوان لترتيب الأولويات بشكل لا لبس فيه: التنمية البشرية، وتوفير الخدمات الأساسية، وتعزيز البنية التحتية، ودعم الاقتصاد المنتج، يجب أن تتربع على قمة الأجندات الحكومية والمحلية.

أما المهرجانات، فلتكن إضافة نوعية، ووسيلة للاحتفاء بالثقافة والفن، لكن ضمن سياق تنموي متكامل، وبتمويل يراعي الحاجة الملحة للمواطنين إلى مشاريع تعود عليهم بالنفع الدائم والمستقبل الأفضل.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى