
أكادير.. “صياد النساء”: ثلاثيني مُصنّف خطير استولى على ملايين من ضحاياه
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في قلب مدينة أكادير، حيث يلتقي وهج الشمس بزرقة الأطلسي، كانت مريم تعتقد أنها تعيش فصلاً من رواية حب خرافية… حتى اكتشفت أنها عالقة في كابوس حيّ، بطله ليس سوى وحش في هيئة بشر.
“أشعر أنني قد أُقتل في أي لحظة”… بهذه الكلمات المرتجفة، بدأت مريم – وهو اسم مستعار – تقص فصول قصتها، قصة حقيقية تتجاوز الخيال وتصلح أن تكون مادةً لأحد أكثر الوثائقيات ظلمةً على نتفليكس، ما عاشته الضحية لم يكن علاقة حب، بل كمينًا محكمًا نصبه “محتال محترف” لا يشبه أي مجرم عادي، رجل بارع في التقمص، خطير بقدرته على اللعب بالعقول، وتحويل الأحلام إلى فخاخ دامية.
– اللقاء الذي لم يكن عاديًا
في صيف 2022، وفي أحد الفنادق المصنفة بمدينة أكادير، التقت مريم بـ”م.أ”، رجل أنيق، في الثلاثينيات من عمره ، ذو حديث لبق وهيئة مبهرة، قدم نفسه كمهندس ناجح، يعيش بين المشاريع والعقود الدولية، لكن الضحية لم تكن تعلم أن هذا الشخص، الذي أوقعها في شباكه بكلمات منمقة ووعود بالزواج، كان في الواقع ذئبًا يتخفى خلف قناع الفارس النبيل.
ما بدأ بعشاء رومانسي وانتهى بصورٍ لحياة زوجية مُتخيلة، سرعان ما تحول إلى مسلسل ابتزاز مالي ممنهج منها قصة “وفاة والدته”، “ضائقة مالية مفاجئة”، “مشروع منزل الزواج”… كلها كانت سيناريوهات معدّة مسبقًا، تُستخدم لإقناع مريم بدفع المال، ثم المزيد من المال، وفي غفلة من المنطق، كانت ترسل الملايين، إلى أن وصل ما خسرته إلى ما يفوق 50 مليون سنتيم.
– كذبة العمر: كل شيء كان وهماً
شيئاً فشيئاً، بدأت الشكوك تتسلل من هو هذا الرجل حقًا؟ ولماذا لا تظهر أفعاله مطابقة لأقواله؟ عندما قررت مريم البحث خلف القناع، كانت الصدمة مرعبة: “م.أ” لا يملك شهادة هندسة، ولا مكانة اجتماعية، ولا حتى اسمًا حقيقيًا يُعرف ، والدته التي “توفيت” كانت حية تُرزق، وسنه الذي يوهم ضحاياه ليس بالحقيقي بل أقل مما ادعى بكثير.
إنه ليس رجلاً عاديًا… بل ممثل بارع، ونصاب محترف يستخدم الفنادق المصنفة كمنصات صيد، ويحول كلمات الحب إلى رصاصات تستهدف قلوب النساء وجيوبهن، يرتدي أفخم الساعات، ويصطنع شخصية رجل أعمال أو موظف في الأمن أو حتى مسؤول قضائي، بحسب مزاج الضحية.
– التهديد بالقتل… الوجه الحقيقي
ما إن شعرت مريم بالخديعة وقررت المواجهة، حتى سقط القناع بالكامل، لم يعد الرجل ذاك الشريك الحنون، بل وحشًا مسلحًا بالتهديدات والصور المرعبة، أرسل لها صورًا له وهو يحمل مسدسًا وبنادق صيد، في رسائل واضحة: “إن تحدثتِ، ستدفعين حياتك ثمناً”. ومنذ ذلك الحين، تعيش مريم في رعب دائم، تترقب كل صوت، وتخشى أن ينتهي بها الأمر جثة هامدة على رصيف مجهول.
– ضحايا أخريات… والأخطر قادم
لكن مريم لم تكن وحدها. تحريات كشفت أن “م.أ” ترك خلفه طابورًا طويلاً من الضحايا، أغلبهن نساء في وضعيات مختلفة، من أرامل إلى مغتربات، ومن فتيات طامحات إلى سيدات أعمال، إحداهن خُدعَت في منزل يساوي أكثر من 65 مليون سنتيم، وأخريات سلّمنه شيكات وسيارات وذهبًا ومبالغ ضخمة، مقابل وعود زائفة أو طلاسم سحر وشعوذة قيل إنها “تجلب النصيب”.
المثير للقلق أن بعض الشهادات تشير إلى استعمال “م.أ” لأعمال سحرية تُفقد النساء توازنهن العقلي مؤقتًا، فيتحولن إلى طيّعات لا يناقشن، فقط يدفعن ويصمتن.
– نهاية مفتوحة… ومجرم طليق
رغم كل ما ارتكبه، لا يزال “صياد النساء” حرًا طليقًا، يتنقل من فندق لآخر، متخفيًا تحت ألق الأناقة وجاذبية الحديث والمفارقة القاتلة؟ أنه لا يترك أثرًا قانونيًا واضحًا، بل يعتمد على خيوط غير ملموسة: الحب، الخداع، والتهديد غير المباشر.
– تحذير لكل امرأة
ليست قصة مريم مجرد واقعة عابرة، بل إنذار أحمر لنساء يُرِدن الحب، فيجدن أنفسهن ضحايا لوحوش بشرية تستغل العاطفة كسلاح، إن بقاء هذا النصاب خارج القضبان يعني أن هناك أخريات سيسقطن قريبًا في نفس الفخ، وربما لن يجدن فرصة للنجاة كما فعلت مريم.
في زمنٍ بات فيه الخداع أكثر تطورًا من أي وقت مضى، يجب أن يكون الوعي سلاحًا، والحذر أسلوب حياة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X