
أخنوش بتارودانت في محاولة لإصلاح الأعطاب التنظيمية للحزب جهويا
هبة بريس – عيد اللطيف بركة
في ظلّ تصاعد التوترات داخل بيت التجمع الوطني للأحرار بجهة سوس ماسة، جاءت زيارة رئيس الحزب، عزيز أخنوش، اليوم الجمعة 20 يونيو الجاري، إلى إقليم تارودانت لتؤكد عمق الأزمة التنظيمية التي باتت تُهدد تماسك الحزب في واحدة من أهم قلاعه الانتخابية.
هذه الزيارة التي شملت المنسق الجهوي السابق للحزب حميد أبهاج بمنطقة تارودانت الشمالية، وتلتها زيارة اخرى لأحد مؤسسي حزب الاحرار ومنسق سابق للحزب “محمد بوهدود بودلال” بتارودانت الجنوبية، التي وصفها مقربون بـ”التصالحية”، حملت بين طياتها رسائل سياسية تتجاوز بعدها المحلي، لتُلامس رهانات الحزب على الصعيد الجهوي والوطني، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات المقبلة.
– صراعات داخلية تُلغِي “نقاش الأحرار”
الشرارة التي كشفت عن حدة الخلافات داخل التنظيم الجهوي، انطلقت من قرار تأجيل محطة “نقاش الأحرار” بأكادير إدوتنان، معقل أخنوش السياسي، والتي كانت مبرمجة عشية انعقاد المنتدى الجهوي للحزب يوم 21 يونيو. قرار مفاجئ أثار الكثير من علامات الاستفهام، خصوصاً وأنه جاء في لحظة كانت تُفترض أن تُكرّس الانفتاح وتوسيع النقاش السياسي الداخلي، فإذا به يتحول إلى عنوان لانقسام تنظيمي صارخ.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن إلغاء اللقاء لم يكن مجرد إجراء تنظيمي، بل جاء نتيجة احتدام الخلاف بين جناحين داخل الحزب: الأول، يضم وجوهاً مخضرمة بقيادة كريم أشنكلي وإدريس بوتي، المتمسكة بأساليب تدبير تقليدية، والجناح الثاني، يضم تياراً إصلاحياً متصاعداً تقوده عدد من الأسماء الوازنة بالحزب جهويا ، مدعوماً من قواعد لها بجماعات ترابية يديرها الحزب بأقاليم الجهة.
– شخصنة الخلافات… وحدود الاحتكام للمؤسسات
ما يزيد الوضع تعقيداً هو انزلاق النقاش الحزبي نحو مستويات تمسّ أحياناً بالأخلاقيات السياسية، بعد الدخول في معارك جانبية البعض منها وصل إلى حدود محاولة تبخيس او تشويه مسار او التشكيك في ذمة بعض القيادات في الحزب جهويا ، ليمتد الصراع نحو المواقع، هذه الممارسات، التي يُنظر إليها كوسيلة ضغط خارج الأطر التنظيمية، أثارت استياءً واسعاً داخل القواعد الحزبية، وأضعفت صورة الحزب أمام الرأي العام المحلي.
– أخنوش يدخل على الخط من بوابة تارودانت
في خضم هذا السياق المشحون، لم يكن اختيار تارودانت كمحطة لزيارة عزيز أخنوش اعتباطياً، فالإقليم، وإن كان بعيداً عن مركز الخلاف المباشر، يُعد رمزياً بحكم ارتباطه الوثيق بتاريخ الحزب في الجهة، اكبر خزان انتخابي للحزب عبر عقود من الزمن، غير ان خلافات قد تكون في طبيعتها الظاهريّة مرتبطة بالتنظيم، لكن هناك من يعتبر أن ” الشخصنة” حاضرة في الصراع داخل الحزب جهوي، أعضاء من مناضلين قدامى للحزب اعتبروا ان شرارة الصراع انطلقت من طريقة تدبير المنسق الجهوي للحزب وهو في نفس الوقت رئيسا لمجلس جهة سوس ماسة، بعد ” البلوكاج” في عدد من الاتفاقيات التي بقيت في ” الرفرف “ومرتبطة بشكل أساسي لالتزامات لهؤلاء الأعضاء داخل جماعاتهم الترابية مع المواطنين تتعلق ببرامج دعم مشاريع تنموية في اطار تشاركي بين تلك الجماعات مع مجلس الجهة .
وقد تكون زيارة أخنوش إلى تارودانت محاولة استباقية لامتصاص الغضب القاعدي، ولبعث رسائل مباشرة مفادها أن القيادة الوطنية تتابع الوضع التنظيمي عن كثب، وأنها مستعدة للتدخل عند الحاجة لضبط التوازنات الداخلية، مع ضمان الاستقرار الحزبي في أفق المنتدى الجهوي المرتقب.
– أزمة ثقة… أم لحظة مخاض ديمقراطي؟
السؤال الأبرز الذي يطرحه المتتبعون اليوم: هل ما يجري داخل “الأحرار” هو بداية انهيار تنظيمي، أم مجرد لحظة صدامية طبيعية تسبق إعادة تشكّل التوازنات الداخلية؟ الواضح أن الحزب يعيش حالة توتر حقيقية في سوس ماسة، لكنها أيضاً لحظة كاشفة عن عمق التحديات التي يواجهها في مسار بناء نُخب جديدة، وتجاوز ممارسات الولاء التقليدي.
ورغم محاولات الوساطة الجارية، تبقى وحدة الحزب رهينة بقدرة القيادة الوطنية على خلق آليات إنصات فعالة، وتدبير التعدد بتوازن، دون اللجوء إلى منطق الإقصاء أو تصفية الحسابات.
ليكون التجمع الوطني للأحرار أمام امتحان سياسي وتنظيمي حقيقي في جهة سوس ماسة، وإذا كانت زيارة أخنوش لتارودانت تحمل مؤشرات تهدئة، فإنها وحدها لا تكفي ما لم تُترجم إلى قرارات عملية تضع حداً للانقسام الداخلي، وتُعيد الاعتبار للمؤسسات الحزبية كفضاءٍ ديمقراطي يحتضن الاختلاف بدل إخماده او تجاهله وأحيانا إلى قمعه كما وقع لعدد من أعضاء الحزب بعد قرار عزلهم.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X